اعترافات

الخميس 23 يناير 2014 - 18:07

أنا أشتغل في مجال التعليم و بحكم عملي، لدي احتكاك مباشر بشريحة مهمة من المجتمع ألا و هي فئة الشباب. و الحقيقة أن علاقتي المباشرة معهم تتسم بكثير من الجدية و الصرامة في التعامل و ذلك مع كل ما أكنه لهم من مشاعر الاحترام و التقدير، لم لا و هم رجال المستقبل. و كم كان يستفزني في أحيان كثيرة شغب فئة منهم، و إهمالهم لدراستهم، و ثورتهم على القيم و المبادئ...فكنت ثارة أتجاهل السلوك، و ثارة أنصح، و ثارة أخرى أدخل في مواجهة...

و في كل هذه المواقف، كان يحركني دافع واحد ألا و هو حب الخير لهم و الرغبة في أن أساهم مع زملائي في أن نجعل منهم طلبة ناجحين و متميزين،إلا أني لم أكن أعترف لهم بهذا الدافع لأني كنت أعتبر أنه لا مجال للتعبير عن المشاعر في مجال العمل. اعتقاد رافقني طويلا إلى أن أصبت بداء السرطان...

فعندما مر ضت ولم أتمكن من الذهاب إلى العمل، و علم طلبتي بالأمر، تباينت ردود أفعالهم. لكن أكثر ما أثر في هي تلك الرسالة المطولة التي أرسلوها لي و التي حملت دعوات بالشفاء و شهادات تقدير و وعودا بالعمل الجاد في الدراسة من أجل أن أكون فخورة بهم.

و هذه بعض المقتطفات من تلك الرسالة:

- " يا رب يشفيك لنا و تعودي الينا و أنت بكل خير. يا رب آمين. نحن في انتظارك".

- " أنا الآن أهيئ للامتحانات لتكوني فخورة بي. أطلب من الله أن يحفظك حتى تستطيعي تدريس طلبة جدد. و أتمنى لك من كل قلبي صحة جيدة إن شاء الله. شكرا لك على مجهوداتك داخل الفصل. شكرا من كل قلبي".

- " أتمنى أن يعطيك الله القوة لمواجهة هذه الصعوبة في حياتك. و أتمنى لأقربائك القوة من أجل مرافقتك و مساندتك".

- " شكر كبير لأستاذتنا العزيزة و التي رغم مرضها تفكر دائما في طلبتها. أطلب من الله أن يكون في عونك".

- " أتمنى لك الشفاء إن شاء الله حتى يمكنك العودة إلينا لأننا حقا في حاجة إليك".

- " لا تتصوري كم افتقدناك خاصة في امتحانات نهاية السنة حيث أدركنا قيمة ما أنجزت معنا طيلة السنة. شكرا جزيلا. و نحن متفائلون بأن تكوني بيننا السنة المقبلة إن شاء الله و لو في الخمسة عشر يوما الأخيرة. و ليكن عندك يقين كبير في الله. الله يشفيك في أقرب وقت. يا رب آمين".

- " هل تعلمين أننا نفتقدك كثيرا. لقد ساعدتنا كثيرا و نحن نتأسف لأنك لن تدرسينا السنة المقبلة. نتمنى لك صحة جيدة و أن نراك قريبا. نحن نحبك كثيرا".

- " شكرا جزيلا لأستاذتنا العزيزة و التي تساندنا رغم مرضها. من أجل هذا، نحن نقوم بجهود كبيرة في الدراسة لكي لا نحبطها و نكون في المستوى من أجل إرضاء أستاذتنا إن شاء الله. شكرا لك على تشجيعاتك و التي تحفزنا".

- " نفتقدك كثيرا. نتأسف لأنك لن تكوني معنا السنة المقبلة. لكننا نعدك أننا سنبذل ما في جهدنا في الدراسة لتكوني فخورة بنا. و نتمنى أن نراك قريبا".

- " أنا أعرف أن رسالتي هذه لا تعني شيئا مقارنة مع ما علمتنا إياه. نفتقدك كثيرا. إن شاء الله ستشفين و ستعودين إلينا و أنا متأكد أنك تعلمين أن الله إذا أحب عبدا ابتلاه".

عندما قرأت هذه الاعترافات، أحسست بالدفء يملأ قلبي، و بالفخر بهؤلاء الشباب الذين يملكون هذا الحس المرهف. و قلت لنفسي: يا ترى كم من علاقة تتسم بالجفاء و انعدام التعبير عن المشاعر الطيبة التي يحملها كل من الطرفين للآخررغم وجود هذه المشاعر عند كلا الطرفين: الطلبة مع أساتذتهم، و الأبناء مع آباءهم، و الأزواج مع زوجاتهم... ترى كم هو عدد الاعترافات الجميلة التي شهدتها أسرة المرضى في المستشفيات و التي حدثت عند رؤوس كثير من الناس لكنها لم تفدهم شيئا لأنهم كانوا قد غادروا هذه الحياة!

الحياة قصيرة و لا ندري متى يباغثنا الموت ، فلنبادر ببعث الدفء في علاقتنا مع من يحيط بنا، و لا ننتظر مرضا أو غيابا للقيام بذلك لأنه آنذاك قديكون فات الأوان !!

قال الرسول صلى الله عليه و سلم: "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له".

التعليقات

Guest
الجمعة 24 يناير 2014 - 09:52

هنيئا لك أختي بهذه القلوب الملتفة حولك ولا أراها إلا ثمرة لعملك الصالح جعله الله في ميزان حسناتك آمين

أضف تعليقك

من نحن

Logo

نا راضية.نعم، راضية بقضاء الله و قدره. ففي يونيو 2011، أصبت بمرض السرطان. ولقد حاولت في من هذا المرضأنا راضية.نعم، راضية بقضاء الله و قدره. ففي يونيو 2011، أصبت بمرض السرطان. ولقد حاولت في من هذا المرض أنا راضية.نعم، راضية بقضاء الله و قدره. ففي يونيو 2011، أصبت بمرض السرطان. ولقد حاولت في من هذا المرضأنا راضية.نعم، راضية بقضاء الله و قدره. ففي يونيو 2011، أصبت بمرض السرطان. ولقد حاولت في من هذا المرضأنا راضية.نعم، راضية بقضاء الله و قدره. ففي يونيو 2011، أصبت بمرض السرطان. ولقد حاولت في من هذا المرض أنا راضية.نعم، راضية بقضاء الله و قدره. ففي يونيو 2011، أصبت بمرض السرطان. ولقد حاولت في من هذا المرض

أنا راضية.نعم، راضية بقضاء الله و قدره. ففي يونيو 2011، أصبت بمرض السرطان. ولقد حاولت في من هذا المرضأنا راضية.نعم، راضية بقضاء الله و قدره. ففي يونيو 2011، أصبت بمرض السرطان. ولقد حاولت في من هذا المرض أنا راضية.نعم، راضية بقضاء الله و قدره. ففي يونيو 2011، أصبت بمرض السرطان. ولقد حاولت في من هذا المرضأنا راضية.نعم، راضية بقضاء الله و قدره. ففي يونيو 2011، أصبت بمرض السرطان. ولقد حاولت في من هذا المرضأنا راضية.نعم، راضية بقضاء الله و قدره. ففي يونيو 2011، أصبت بمرض السرطان. ولقد حاولت في من هذا المرض أنا راضية.نعم، راضية بقضاء الله و قدره. ففي يونيو 2011، أصبت بمرض السرطان. ولقد حاولت في من هذا المرضأنا راضية.نعم، راضية بقضاء الله و قدره. ففي يونيو 2011، أصبت بمرض السرطان. ولقد حاولت في من هذا المرضأنا راضية.نعم، راضية بقضاء الله و قدره. ففي يونيو 2011، أصبت بمرض السرطان. ولقد حاولت في من هذا المرض أنا راضية.نعم، راضية بقضاء الله و قدره. ففي يونيو 2011، أصبت بمرض السرطان. ولقد حاولت في من هذا المرضأنا راضية.نعم

، راضية بقضاء الله و قدره. ففي يونيو 2011، أصبت بمرض السرطان. ولقد حاولت في من هذا المرضأنا راضية.نعم، راضية بقضاء الله و قدره. ففي يونيو 2011، أصبت بمرض السرطان. ولقد حاولت في من هذا المرض أنا راضية.نعم، راضية بقضاء الله و قدره. ففي يونيو 2011، أصبت بمرض السرطان. ولقد

تواصل معنا

contact@khawater.net