
اهداء
الجمعة 21 أكتوبر 2011 - 18:37
إلى أمي الملاك التي لم أحتمل رؤية دموعها وأنا أخبرها أني مصابة بدا...
عندما تلقت أسرتي ودائرة معارفي خبر إصابتي بالسرطان، تباينت ردود الأفعال بين مصدق للخبر و متقبل له و بين منكر أو لنقل مندهش للأمر. نعم، الكل كان مؤمنا بقضاء الله و قدره إلا أن الخبر صدم الجميع.
و كم أنا ممتنة و شاكرة لله تعالى أن وهبني نعمة الأسرة و إنها لنعمة عظيمة لا يعرف قيمتها إلا من فقد والديه و ليس له إخوة وفقد الإتصال بأعمامه و عماته و أخواله و خالاته...
نعم، لقد أخذت بكل الأسباب التي كان علي الأخذ بها في رحلة علاجي من السرطان لكني متأكدة أن دعوات والدي وإخوتي و أفراد عائلتي و معارفي و مساندتهم لي كان لهما الدور الكبير في الرفع من معنوياتي و إعطائي القوة لمواجهة المرض.
و بناء على تجربتي الشخصية، اسمحوا لي أن أقدم بعض النصائح لكل بيت فيه مريض بالسرطان:
أولا: عند تلقي نبإ إصابة أحد أفراد الأسرة بالسرطان فإن الخبر ينزل كالصاعقة. و السبب في رأيي أن مرض السرطان ارتبط في أذهان الناس بأنه مرض خطير يؤدي إلى الموت. نعم، السرطان مرض خطير و لكن إذا أخذنا بعين الإعتبار التقدم العلمي الهائل الذي حصل في السنوات الأخيرة في العلاج من داء السرطان، فإن إمكانية الشفاء تصبح كبيرة خاصة إذا اكتشف المرض في بداياته. لذلك فنصيحتي هي أن لا يهمل الإنسان أي ألم يحس به و يبادر بزيارة الطبيب للإطمئنان على سلامة جسده.
ثانيا: قد يعتبر الشخص نفسه مسؤولا عن إصابته بالسرطان وقد تعتبر الأسرة نفسها مسؤولة عن إصابة أحد أفرادها بالسرطان. شخصيا، كنت أعتبر نفسي مسؤولة عن إصابتي بالسرطان و ذلك كلما قرأت تقريرا عن السرطان وأسبابه... إلى أن قرأت حديثا للرسول صلى الله عليه و سلم يقول فيه:"لا يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة في نفسه وماله وولده حتى يلقى الله وما عليه من خطيئة". فقلت لنفسي: إذا كان هذا البلاء ليطهرني من الذنوب و الخطايا فمرحبا به و كفى من جلد الذات. و وجدت حديثا آخر لا يقل روعة عن الحديث السابق، يقول فيه الرسول صلى الله عليه و سلم: "إن الرجل ليكون له عند الله المنزلة فما يبلغها بعمل فما يزال الله يبتليه بما يكره حتى يبلغه إياها". فقلت لنفسي: إذا كان هذا البلاء ليرفع منزلتي عند الله تعالى فأنا إذن في منحة عظيمة و إن كان ظاهرها محنة!
و لذلك فنصيحتي للمبتلى بالسرطان: اصبر ففي الأمر كل الخير بإذن الله تعالى، إن لم يكن في الدنيا ففي الآخرة. و نصيحتي لأهل المريض بالسرطان: اصبروا و أوصوا مريضكم بالصبر ولا تحملوا النفس فوق طاقتها و اذكروا قول الله تعالى: "و نبلوكم بالشر و الخير فتنة و إلينا ترجعون".
ثالثا: عندما تتلقى الأسرة نبأ إصابة أحد أبنائها بالسرطان، فإنها تتذكر كل حالات السرطان التي سمعت عنها أو عايشتها فتتوقع أن يحدث لمريضها ما حدث للآخرين. و هذا الأمر منتشر كثيرا في مجتمعنا حيث يصدق الكثير منا كل ما يقال دون التأكد من صحة الخبر أو المعلومة. و بخصوص هذا الأمر، أقول لأسرة المريض أن هناك شخص واحد جدير بالثقة و بأن نصدق كل ما يقول ألا و هو الطبيب. لذلك فالحرص كل الحرص على اختيار طبيب متقن و يتقي الله في عمله. في رأيي، إذا توفر هذان الشرطان، فليكن الطبيب الشخص الوحيد الذي نبثه مخاوفنا و قلقنا و شكوكنا وكل الآراء التي نسمعها عن افعل كذا و لا تفعل كذا. إذ لا فائدة من أن نحدث الآخرين عن هذه الأمور لأنهم لن ينفعوك و لنتذكر قول الله تعالى: "فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون". و لقد كنت أحتفظ بمذكرة أكتب فيها كل ما أحس به من ألم أو ينتابني من تغيرات أو تساؤلات أو نصائح من الناس عن افعل كذا و لا تفعل كذا، و عندما أزور الطبيب، لا أجد أي صعوبة في تذكر ما أود طرحه من أسئلة.
رابعا: يحتاج علاج مرض السرطان إلى مدة طويلة. لذلك، فأنا أنصح أسرة المريض أن تتقبل المساعدة من كل من يقترح مد يد المساعدة من قريب أو بعيد. فكما أن المرض ابتلاء للمريض فهو أيضا ابتلاء لأسرة المريض و معارفه. المريض ليس لديه الصحة و قد لا يكون لديه المال لتغطية مصاريف العلاج. و لكن أنت، إذا كان لديك الصحة و الوقت و المال، فماذا فعلت بكل هذه النعم؟ أين أنفقتها؟ كيف شكرت الله عليها؟
و بالله عليك، لا تقل ما باليد حيلة و لا أستطيع عمل شيء! بل يمكنك فعل الكثير. فالمريض قد يكون محتاجا إلى أنواع من المساعدة ليس بالضرورة مادية فمثلا قد يحتاج إلى من يرافقه إلى المستشفى، قد يحتاج إلى من يقضي مصالحه الإدارية، قد يحتاج إلى من يشتري له حاجياته، قد يحتاج إلى من ينظف بيته إلى غير ذلك من الإحتياجات التي قد لا نلقي لها بالا لكنها تخفف عن المريض عبئا من أعباء الحياة التي تنهك الأصحاء فما بالك بالمرضى!!
خامسا: يستحب كثيرا أن يكون في الوسط المحيط بالمريض شخص يسهر على تنفيذ تعليمات الطبيب خاصة فيما يتعلق بالنظام الغذائي و كذلك فيما يخص الإختلاط بالناس خاصة عندما تكون المناعة في أدنى مستوياتها.
سادسا: أنصح بخلق اهتمامات لدى المريض. إذ من غير المجدي أبدا أن يظل المريض مستلقيا على السرير 24 ساعة على 24 ساعة وهو يفكر في المرض. نعم، إذا كان المريض مرهقا و إذا كان يعاني بشدة، فليس باليد حيلة. لكن إذا كان المريض يستطيع استخدام ملكاته العقلية و الجسدية بيسر، فيفضل أن ينشغل بأنشطة تغير تركيزه على المرض فيمارس الرسم مثلا، أو القراءة أو الكتابة أو قراءة القرآن و لم لا حفظه!
شخصيا، وجدت في الكتابة ملاذا أعبر فيه عن كل الخواطر و المواقف التي أمر بها في رحلة علاجي من السرطان!
سابعا: هل تعلم ما هي أجمل هدية يمكن أن يقدمها المحيطون بالمريض لمريضهم؟ هل باقة ورد؟ أم كتاب مفيد؟ أم ساعة يد؟ أم رحلة عمرة مدفوعة التكاليف؟ ... كل هذه الأشياء أحبها لكن و أنا على فراش المرض، فإن أجمل هدية بالنسبة لي هي أن يكون هؤلاء المحيطون بي بصحة جيدة و معنويات مرتفعة، و أن يكون لديهم يقين تام في أن الشفاء هو من عند الله. عندما يكون الأمر كذلك، فإنهم يستطيعون الإعتناء بالمريض على أكمل وجه. أما إذا تفانوا في خدمة المريض مع إهمال ذواتهم واحتياجاتهم الخاصة، فإنهم سينهارون لأن رحلة العلاج من السرطان طويلة و أهل المريض بحاجة إلى نفس أطول للتمكن من العناية بمريضهم.
ثامنا: في قمة انشغاله بمرضه، قد ينسى المريض بعض الأدوية التي أوصانا بها النبي صلى الله عليه و سلم و دور المحيطين بالمريض و الذين يزورونه أن يذكروه بهذه الأدوية و قد أوردت بعضها في مقال سابق بعنوان "مرضت فلم تعدني" و سأورد أدوية أخرى في مقال لاحق بعنوان "أسلحة المؤمن".
تلك كانت بعض النصائح التي ارتأيت أن أشارككم إياها عساها تفيد بيتا فيه مريض بالسرطان.
التعليقات
Bouchra
الجمعة 01 فبراير 2013 - 17:04Macha Allah 3alik Allah yachfina jmi3 Nas'alouhou soubhanahou wa ta3ala housna al khatima
أم سعد
الجمعة 01 فبراير 2013 - 18:25أحسن الله إليك أخيتي, شفاك الله و شفى كل مريض
Guest
السبت 25 أبريل 2015 - 19:08رائع يارب ياقادر ياكريم يشفي كل مريض
Guest
الأربعاء 06 أبريل 2016 - 07:28أسئل الله أن يحفظك .. وأن يصبر أهلك ومحبيك .... وبارك الله فيك
أضف تعليقك