رمضان غير
السرطان : رحلتي مع الصبر و الايمان
الإثنين 30 يناير 2012 - 10:49
رمضان غير
الإثنين 30 يناير 2012 - 10:49
هذه السنة، ولأول مرة في حياتي لا أصوم هذا الشهر الكريم وذلك بناء على قرار الطبيب الذي يعالجني.
...ولأول مرة في حياتي، وجدتني أفكر بجدية في معنى الصيام.
فمنذ الطفولة، وأنا أفهم أن الصيام هو امتناع عن الأكل والشرب من طلوع الفجر إلى غروب الشمس. ثم فهمت أن رمضان هو شهر القرآن فأصبحت أحرص على ختم القرآن ولو مرة واحدة وكنت اعتبر نفسي سعيدة عندما أتمكن من انجاز ختمتين في شهر رمضان. لكن، الآن وأنا مريضة هل هذا يعني أني لن أستفيد من نفحات هذا الشهر العظيم؟ فوجدتني أبحث عن معاني أخرى للصيام كنت غير منتبهة لها لحد الآن.
وأنا أبحث عن هذه المعاني في كتب الفقه وبرامج الفضائيات والمحاضرات المباشرة، استوقفتني المعاني التالية:
1- الصيام عبادة عظيمة وله منزلة كبيرة عند الله سبحانه وتعالى وقد ورد ذكره في القرآن الكريم في أماكن كثيرة:
- يقول تعالى في سورة البقرة:"يا أيها الذين امنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون" (آية 183)
- ويقول أيضا في سورة البقرة: "وأتموا الحج والعمرة لله، فان أحصرتم فما استيسر من الهدي، ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محله. فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أوصدقة أو نسك. فإذا أمنتم فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي. فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم تلك عشرة كاملة. ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام. واتقوا الله واعلموا أن الله شديد العقاب" (آية 196)
- ويقول تعالى في سورة النساء: "وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ. ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله إلا أن يصدقوا. فان كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة وان كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة. فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين توبة من الله. وكان الله عليما حكيما" (آية 92)
-ويقول تعالى في سورة المائدة: "لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان. فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ماتطعمون أهليكم أو كسوتهم أوتحرير رقبة. فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام. ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم. واحفظوا أيمانكم كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تشكرون" (آية 89)
- ويقول سبحانه وتعالى في سورة مريم: "فكلي واشربي وقري عينا فإما ترين من البشر أحدا فقولي إني نذرت للرحمان صوما فلن أكلم اليوم انسيا" (آية 26)
- ويقول جل وعلى في سورة المجادلة: "والذين يظهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة من قبل ان يتماسا. ذلكم توعظون به. والله بما تعملون خبير. فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين من قبل أن يتماسا فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا. ذلك لتؤمنوا بالله ورسوله. وتلك حدود الله. وللكافرين عذاب أليم" (آيات 3-4)
2- الصيام جنة:
إذ يقول الرسول (ص): قال الله عز وجل "كل عمل ابن ادم له إلا الصيام، فانه لي وأنا أجزي به، والصيام جنة فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب ولا يجهل، فان شاتمه أحد أو قاتله فليقل: إني صائم، مرتين، والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله يوم القيامة من ريح المسك.وللصائم فرحتان يفرحهما: إذا أفطر فرح بفطره، وإذا لقي ربه فرح بصومه", فالصيام مدرسة تعيننا على تدريب النفس وتقوية الإرادة ضد المعاصي.
3- صوم اللسان:
ولعل صوم اللسان هو أصعب أنواع الصيام إذ يقول رسول الله(ص): "أكثر خطايا ابن ادم في لسانه", ويقول أيضا: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت". فلذلك يجب علينا تدريب لساننا على الالتزام بالأمور التالية في رمضان بل وغير رمضان أيضا:
- عدم الغيبة: قال رسول الله(ص): "أتدرون ما الغيبة؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال : ذكرك أخاك بما يكره. قيل: أفرأيت إن كان في أخي ما أقول؟. قال: إن كان فيه ما تقول، فقد اغتبته. وان لم يكن فيه ما تقول فقد بهته".
- قال أيضا عليه الصلاة والسلام: "لما عرج بي مررت بقوم لهم أظفار من نحاس يخمشون في وجوههم وصدورهم فقلت: من هؤلاء يا جبريل؟ قال: هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ويقعون في أعراضهم".
- عدم النميمة: وهي نقل الكلام بين الناس على جهة الإفساد وقد قال رسول الله(ص): "لا يدخل الجنة نمام".
- عدم سماع الغيبة والنميمة بل والرد على من يتعرض لعرض مؤمن إذ يقول الرسول(ص): "من ذب عن عرض أخيه بالغيب كان حقا على الله أن يعتقه من النار".
- عدم الكذب: إذ يقول عليه أفضل الصلاة والسلام: "الصدق يهدي إلى البر وإن البر يهدي إلى الجنة، وإن الرجل ليصدق حتى يكون صديقا، وإن الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار، وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذابا".
- عدم الطعن أو اللعن أو الشتم: إذ يقول الرسول الكريم: "ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء" ويقول أيضا: "سباب المسلم فسوق وقتاله كفر".
- تجنب الجدال, إذ يقول الرسول(ص): "أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وان كان محقا وببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وان كان مازحا وببيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه".
- عدم الخوض في الباطل وتجنب الفضول إذ يقول سبحانه وتعالى: "لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضاة الله فسوف نوتيه أجرا عظيما" (سورة النساء، آية 114), ويقول عليه الصلاة والسلام: "طوبى لمن أمسك الفضل من كلامه وأنفق الفضل من ماله", كما يقول أيضا: "إن الرجل ليتكلم بالكلمة لا يرى بها بأسا يهوي بها في النار سبعين خريفا", فبالله عليك كيف تصوم على ما أحل الله من طعام وشراب وتفطر على ما حرم الله من غيبة ونميمة وكذب وسب وشتم.
4- صوم حاستي السمع والبصر:
إذ لا يجب أن نضع العين إلا على كل طيب فعين الحرام تدفع اللسان إلى أن يقول حراما وعين الحلال تدفع اللسان إلى أن يقول طيبا. وكذلك الشأن بالنسبة للسمع إذ يقول تعالى: "وإذا مروا باللغو مروا كراما" (سورة الفرقان، آية72)
كل هذه المعاني العميقة للصيام استوقفتني لأول مرة، فقررت أن أصوم هذه السنة صياما آخر: ألا وهو صيام الحواس عن كل ما يغضب الله... ولن يكون ذلك في شهر واحد فقط بل سأجاهد نفسي ليكون هذا الصوم في ما تبقى من حياتي... ولسان حالي يقول: لقد نذرت للرحمان صوما فلن أغتاب بعد اليوم، ولن أنمم، ولن أكذب، ولن أجادل، ولن ألغو، ولن أخوض في الباطل.
قال تعالى:" ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله واذكر ربك إذا نسيت وقل عسى أن يهديني ربي لأقرب من هذا رشدا."(سورة الكهف, آيات 23-24).
أضف تعليقك
اهداء
الجمعة 21 أكتوبر 2011 - 18:37
إلى أمي الملاك التي لم أحتمل رؤية دموعها وأنا أخبرها أني مصابة بدا...