قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: إن الله عز وجل يقول يوم القيامة: يا ابن آدم مرضت فلم تعدني، قال يا رب كيف أعودك و أنت رب العالمين؟قال أما علمت أن عبدي فلانا مرض فلم تعده؟ أما علمت أنك لو عدته لوجدتني عنده؟ يا ابن آدم استطعمتك فلم تطعمني! قال: يارب، كيف أطعمك و أنت رب العالمين؟ قال أما علمت أنه استطعمك عبدي فلان فلم تطعمه؟أما علمت أنك لو أطعمته لوجدت ذلك عندي؟ يا إبن آدم ، استسقيتك فلم تسقني! قال: يارب كيف أسقيك و أنت رب العالمين؟ قال: استسقاك عبدي فلان فلم تسقه! أما أنك لو سقيته و جدت ذلك عندي؟و هذا يدل على قرب المريض من الله عز وجل و لهذا قال العلماء: إن المريض حري بإجابة الدعاء إذا دعا لشخص أو دعا على شخص.
كما يذكر أن للعيادة آداب كثيرة منها:
1ـ أن ينوي الإنسان بها امتثال أمر النبي صلى الله عليه وسلم فإن النبي صلى الله عليه و سلم أمر بها.
2ـ أن ينوي الإحسان إلى أخيه بعيادته، فإن المريض إذا عاده أخوه و جد في ذلك راحة عظيمة و انشراح صدر.
3ـ أن يستغل الفرصة في توجيه المريض إلى ما ينفعه فيأمره بالتوبة و الاستغفار و الخروج من حقوق الناس.
4ـ أنه ربما يكون على المريض إشكالات في طهارته أو صلاته أو ما أشبه ذلك، فإذا كان العائد طالب علم انتفع به المريض، لأن لابد أن يخبره عما ينبغي أن يقوم به من طهارة و صلاة أو يسأله المريض.
5ـ أن الإنسان ينظر للمصلحة في إطالة البقاء عند المريض أو عدمها.وذهب بعض العلماء إلى أنه ينبغي تخفيف العيادة ، و ألا يثقل على المريض لكن الصحيح أن الإنسان ينظر إلى المصلحة ، إذا رأى المريض مستأنسا منبسطا منشرح الصدر ، و أنه يحب بقاءه فليتأن لما في ذلك من إدخال السرور عليه، وإن رأى أن المريض يرغب أن يقوم الناس عنه حتى يأتيه أهله ويصلحوا حاله فإنه يقوم و لا يتأخر.
6ـ أن يتذكر الإنسان نعمة الله عليه بالعافية، فإن الإنسان لا يعرف قدر نعمة الله عليه إلا إذا رأى من ابتلي بفقدها. فتحمد الله تعالى على العافية و تسأله أن يديم عليك النعمة.
7ـ دعاء المريض للعائد ، ودعاء المريض حري بالإجابة لأن الله سبحانه و تعالى عند المنكسرة قلوبهم من أجله، و المريض من أشد لناس ضعفا في النفس و لاسيما إذا طال به المرض و ثقل فيرجى إجابة دعوة هذا المريض.وكذلك في فضل عيادة المريض، عن علي رضي الله عنه قال: "سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول: ما من مسلم يعود مسلما غدوة إلا صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يمسي و إن عاده عشية إلا صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يصبح و كان له خريف في الجنة".و الخريف أي الثمر المجتني.
و فيما يقال إذا عاد مسلم مريضا:
- عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يعود بعض أهله يمسح بيده اليمنى و يقول: "اللهم رب الناس، أذهب البأس و اشف أنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك شفاء لا يغار سقما".
ففي هذا الدعاء توسل إلى الله عز و جل بربوبيته العامة فهو الذي خلق الإنسان و لا بأس به ثم قدر عليه المرض و الذي قدر المرض بعد الصحة قادر على الشفاء لأنه هو الشافي أما ما يصنع من الأدوية أو يقرأ من الرقى فما هو إلا سبب قد ينفع و قد لا ينفع و نحن مأمورون بذلك السبب كما قال النبي صلى الله عليه و سلم: "إن الله أنزل الداء والدواء وجعل لكل داء دواء فتداووا ولا تداووا بحرام".
- عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: عادني رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال: "اللهم اشف سعدا ، اللهم اشف سعدا" فهذا الحديث يبين أن الرسول صلى الله عليه و سلم كان يعود المرضى و يدعوا لهم و يستحب أن يدعى بهذا الدعاء: "اللهم اشف فلانا" ثلاث مرات، و قد كان الرسول صلى الله عليه و سلم إذا دعا يدعو ثلاثا و تكرار الدعاء ثلاثا من الأمور المشروعة.
ـ و عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه و سلم قال: "من عاد مريضا لم يحضره أجله، فقال عنده سبع مرات: أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك إلا عافاه الله من ذلك المرض".
ـ عن ابن عباس أن النبي صلى له عليه و سلم دخل على أعرابي يعوده و كان إذا دخل على من يعوده قال له : "لا بأس طهور إن شاء الله".
وفي ما يدعو به المريض نفسه:
- عن أبي عبد الله عثمان ابن أبي العاص رضي الله عنه أنه شكا إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم وجعا يجده في جسده منذ أسلم فقال له رسول الله صلى الله عليه و سلم: "ضع يدك على الذي تألم من جسدك و قل : باسم الله ثلاث و قل سبع مرات: أعوذ بعزة الله و قدرته من شر ما أجد و أحاذر" فإذا قال المريض هذا الدعاء موقنا بذلك مؤمنا به فإنه يسكن الألم بإذن الله عز وجل لأنك تستعين بمن بيده ملكوت السماوات و الأرض ، الذي أنزل هذا المرض هو يجيرك منه.
ـ عن أبي سعيد الخدري و أبي هريرة رضي الله عنهما أنهما شهدا على رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال : "من قال لا إله إلا الله و الله أكبر، صدقه ربه فقال: لا إله إلا أنا وأنا أكبر . وإذا قال: لا إله إلا الله و حده لا شريك له، قال : يقول لا إله إلا أنا وحدي لا شريك لي . و إذا قال: لا إله إلا الله له الملك وله لحمد ، قال :لا إله إلا أنا لي الملك ولي الحمد. وإذا قال :لا إله إلا الله و لا حول ولا قوة إلا بالله ، قال: لا إله إلا أنا و لا حول و لا قوة إلا بي". و كان يقول : "من قالها في مرضه ثم مات لم تطعمه النار".
كما يجوز للمريض أن يخبر عن ما فيه من المرض و شدته بشرط أن يكون ذلك إخبارا وليس شكوى وتسخط من قدر الله وقضائه.
- فعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: دخلت على النبي صلى لله عليه وسلم وهو يوعك فمسسته فقلت : إنك لتوعك وعكا شديدا ، فقال:"أجل إني أوعك كما يوعك رجلان منكم" وذلك لكي ينال الرسول صلى الله عليه وسلم أعلى درجات الصبر.
- وعن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : وارأساه. فقال النبي صلى الله عليه وسلم :"بل أنا وارأساه".
أما ما يقول من أيس من حياته فعن عائشة رضي الله عنها قالت سمعت الني صلى الله عليه و سلم وهو مستند إلي يقول : "اللهم اغفر لي و ارحمني، وألحقني بالرفيق الأعلى".
و اليأس هنا بمعنى إذا حضر الإنسان الموت و الرفيق الأعلى هم النبيون و الصديقون و الشهداء و الصالحون وحسن أولائك رفيقا.
- وعن عائشة قالت: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بالموت، عنده قدح فيه ماء ، وهو يدخل يده في القدح ، ثم يمسح و جهه بالماء ثم يقول: "اللهم أعني على غمرات الموت". و في رواية أخري يقول "لا إلاه إلا الله، إن للموت لسكرات". وصدق النبي صلى الله عليه وسلم.
اللهم أحسن لنا الخاتمة و توفنا على الإيمان و التوحيد وتوفنا وأنت راض عنا، يارب إنك على كل شيء قدير.
إشارة : شرح الأحاديث مستوحى من شرح رياض الصالحين لمحمد بن صالح العثيمين
أضف تعليقك
اهداء
الجمعة 21 أكتوبر 2011 - 18:37
إلى أمي الملاك التي لم أحتمل رؤية دموعها وأنا أخبرها أني مصابة بدا...